مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري، أبو عبد الله، إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، وإليه تنسب المالكية، مولده ووفاته في المدينة، ولد سنة (93هـ)، كان صلبًا في دينه، بعيدًا عن الأمراء والملوك، ووجه إليه الرشيد العباسي ليأتيه فيحدثه، فقال: العلم يُؤتى، فقصد الرشيد منزله واستند إلى الجدار، فقال مالك: يا أمير المؤمنين، من إجلال رسول الله إجلال العلم. فجلس بين يديه، فحدثه، وتوفي سنة (179هـ).
خير كتاب أخرج للناس في عهده، ثم ما خايره فخاره كتاب أخرج من بعده. قال فيه الشافعي ـ رحمه الله ـ :"ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله، أصح من كتاب مالك". وقال البخاري عن الموطأ: "من أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر". وقال الإمام مالك نفسه عن كتابه هذا: "عرضت كتابي هذا على سبعين فقيهًا من فقهاء المدينة ، فكلهم واطأني عليه فسميته الموطأ".
اشتمل كتاب الموطأ على أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة وفتاوى التابعين. وقد انتقاه من مائة ألف حديث كان يرويها. سمي بذلك لأمرين: 1. لأنه وطأ به الحديث أي يسره للناس. 2. لمواطأة علماء المدينة له فيه وموافقتهم عليه. قال الإمام مالك: "عرضت كتابي هذا على سبعين فقيهاً من فقهاء المدينة فكلهم واطأني عليه فسميته الموطأ". و يبلغ عدد أحاديث الموطأ -رواية يحيى بن يحيى الأندلسي عنه - (853 ) حديثاً، ويقول أبو بكر الأبهري: "جملة مافي الموطأ من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين (1270حديثاً ) المسند منها (600 ) والمرسل (222 ) والموقوف (613 ) ومن قول التابعين (285 )". وقد يختلف عددها لتباين روايات الموطأ عن الإمام مالك، ولأنه كان دائم التهذيب والتنقيح له، إذ مكث في تصنيفه وتهذيبه أربعين عاماً. ومرتبة الموطأ تأتي بعد الصحيحين.